مستوى الثقافة

كل يوم يمر على الإنسان من المفترض أنه يزيد في رصيده العلمي ومستواه الثقافي
ويوم يمر من غير الاستزادة يعني النقص من الرصيد العلمي وتجميد المستوى الثقافي
هذا هو حال الإنسان إن لم يزد في يومه نقص ويظل يتناقص حتى يضمحل
ويصبح صفر اليدين خاوي الوفاض لا قيمة له في حياته ولا تأثير فيمن حوله
ومع الوقت يصبح عالة على غيره محتاجاً لسواه هو من أوصل نفسه لتلك الحالة
ليعي الإنسان إذن أن التحصيل العلمي والثقافي في حقيقته بمثابة الزاد من الطعام والشراب
لكنه زاد للروح والنفس والعقل والقلب والبصيرة والسريرة والفكر والوعي والفهم
تمده بكل ما يحتاج إليه من عدة سيحتاجها في خضم حياته وفي سائر تعاملاته
وتجعله قادراً على كسب الخبرات وتحصيل المهارات بصورة أفضل قطعاً
أمور تهيئ له مشاركات مجتمعية فاعلة في مجتمعه وربما خارج مجتمعه حتى
وكل ذلك يرفع من قدره أمام الناس ويقدمه على غيره ويجعل له مكانة على من سواه
قيمته في مجتمعه وتأثيره فيمن حوله يقاس بقدر فاعليته واندماجه معهم
والخطورة في الأمر هي أن كلاً من العلم والثقافة سلاح ذو حدين
قد ينفع وقد يضر قد يبني وقد يهدم قد يقدم وقد يؤخر كل ذلك متوقع حصوله
الضابط في الأمر كيفية استعمال الإنسان لهما بوجه إيجابي أم بوجه سلبي
أما الإيجابي فحين يعلم الجاهل ويوعي الغافل ويرشد المحتاج ويعين ويعاون في بناء مجتمعه
يحترم كل الناس فلا ينتقص من قدر أحد أو يستخف به أو يزدريه مهما كان دونه
يتحمل تصرفات الجميع وسلوكياتهم وانفعالاتهم غير المنضبطة ويتجاوزها
ينظر للأمور بإيجابية وتفاؤل فيعذر المسيء ويعين المحسن ليرتقي الجميع بالجميع
كلما ازداد علماً وعى وفهم وأدرك وفطِن وحوى أساليب تعامل أرقى وأرفع وأحسن
وأما السلبي فحين يرى الكمال في نفسه دون الناس فينتقد الكل لمجرد لذة الانتقاد
ينظر للمساوئ والنقائص لمجرد التحقير ويستخف ويستهزئ بهم دون احترام لأحد
ينظر نظرة تشاؤمية لا بناء فيها سوداوية لا نفع منها مظلمة قاتمة لا أمل لها
حينها يكون العلم وبالاً على صاحبه وخسراناً وحجة عليه لا معيناً له
كلما ارتقت ثقافته زاد بعداً عن الناس لعُجبه بنفسه وزهوه بمقام ذاته
يظن أن العلم والثقافة تمجيداً لشخصه وغفل عن أنهما سبيلاً لتواصله بمجتمعه
كلما ازداد علماً مجّد نفسه وزها بها وترفع عمن حوله كبراً وغروراً
جاهل متواضع يحترم الآخرين خير من عالم متعجرف متعالٍ على من سواه
في الحديث النبوي الشريف قوله صلى الله عليه وسلم
(من تعلم العلم ليباهي به العلماء، ويجاري به السفهاء، ويصرف به وجوه الناس إليه، أدخله الله جهنم)[ابن ماجه]