حيثيات الإيمان الدامغة الأصل في جانب الإيمان أن الله تعالى بيّنه برسالات سماوية ونبوات ربانية متوالية على الخلق فمنذ أن وجد البشر والمد السماوي بالرسالات متواصل للخلق حتى لا يتشتتوا في جانب الإيمان فالأصل فيه البيان لدرجة اليقين أما دلالة العقل ومعالم الفطرة السليمة على وجود الخالق فهي مجرد مكملات معنوية للإنسان على معرفة مراد ربه منه لأنها أدلة غير كافية لمعرفة المقاصد الشرعية التي بينها معشر الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وبالتالي فالاعتماد على العقل المجرد مع إغفال جانب التواتر عن طريق الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام أمر غير مقبول من كل وجه لأن العقل المحض قاصر عن إدراك الغايات والمقاصد فدلالة ما جاء به رسل الله تعالى من منهج سماوي الأصل فيه الاعتماد أما دلالة العقل فالاعتضاد فقط ولو ترك إدراك الغايات والمقاصد للعقل البشري المجرد لاختلف الناس في فهمها وبالتالي كان ولا بد للبشر من تلقينهم وتلقيهم ذلك المنهج السماوي كما جاء عن ربنا جل في علاه عن طريق الوحي وبهذا يتحقق في الإيمان اليقين القطعي الذي لا يخالطه شك أو ارتياب فقبل أن يدرك بالعقل جاء على ألسنة أنبياء ورسل من الله جل جلاله مؤيدين بالوحي من السماء، وبمعجزات كبرى خارقة للعادة غير قابلة للتشكيك مطلقاً وكان القرآن الكريم الذي نزل على خاتمهم عليهم الصلاة والسلام هو المعجزة الكبرى الخالدة على مر الزمان فرغم اختلاف الشرائع الربانية إلا أن دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام واحدة فجميعهم من عند الله تعالى داعين إلى توحيده جل شأنه وإلى تطبيق منهجه وإقامة شرعه وبهذا جاء الإيمان من جانبين اثنين عن طريق النقل بواسطة الأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام وعن طريق العقل المدرك للحقائق المعتبرة المصدق لتلك المعجزات والموقن بأنها من عند رب عظيم وإله حكيم وعليه فلا مجال للتفكير خارج هذين النطاقين تكذيباً لمنهج معشر الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وإنكاراً لدلالة العقل السليم المدرك للحقائق لأن التقول خارج هذين المصدرين شطح ولغط ولغو لا قيمة له في عالم الحقيقة