حتماً تختلف المجتمعات في عاداتها وتقاليدها وقيمها ومبادئها العامة السائدة فيها وهذا بدوره سيوجد اختلافات كثيرة في سلوكيات الأفراد والجماعات ولا شك واختلافات في تأصيل القيم والأفكار المعمول بها وفي منهجية الدراسات المجتمعية أيضاً التي تفرز توجهات معينة ما تلبث أن تصبح مع الوقت سائدة فيه والأصل في وجود تلك الاختلافات عدة أمور يأتي في مقدمتها الدين السائد في المجتمع ومدى التزام الأفراد به وبتعاليمه يأتي ثانياً تأثير البيئة وطريقة معيشة الناس في المجتمع ومستوى التعليم والحركة الثقافية فيه والمستوى الاقتصادي الذي يفرض نوعاً من التفكير الحر (المتحرر) نتيجة الوفرة وتختلف نوعية العادات والتقاليد في المجتمع ودرجة تمسك الأفراد بها فالمجتمعات الغنية تتعلق بعادات وتقاليد تختص بالسلوكيات العامة والحياة الرغيدة أما المجتمعات الفقيرة فتتعلق بعادات وتقاليد يغلب عليها التحفظ والجمود والمجتمعات المثقفة عادة يغلب عليها التحرر من العادات والتقاليد إلى حد كبير أما المجتمعات الفقيرة فيغلب عليها التمسك بالعادات والتقاليد إلى درجة كبيرة وأيضاً المجتمعات المغلقة أو شبه المغلقة يكون تأثير العادات والتقاليد فيها قوياً في حين أن المجتمعات المنفتحة يكون تأثير العادات والتقاليد فيها ضعيفاً وبعض المجتمعات لديها القدرة على التغيير إلى الأحسن ورفض ما لا ينسجم مع واقع الحياة الجديد ونمطها المتسارع والمتغير في حين بعض المجتمعات ترفض ذلك تماماً وتصرّ على البقاء على موروثاهم من عادات وتقاليد يرونها هي الأساس الذي منه يستمدون قوتهم وتتقاطع بعض تلك العادات التقاليد فيما بين المجتمعات ولا شك فهناك عادات وتقاليد تنتشر في مجتمعات كثيرة وأخرى قاصرة على مجتمع بعينه وفي كل مجتمع يوجد من ينادي بضرورة التمسك بتلك العادات والتقاليد لأنها تمثل الأصالة التي لا يمكن الانفكاك عنها وفيه أيضاً من يرى ضرورة التغيير إلى الأحسن بحسب نظرته بما ينسجم مع واقع الحياة الجديد أياً كان إيقاعها إيجاباً كان أم سلباً وصنف ثالث يرى ضرورة التغيير لكن بحدود منضبطة تجمع بين الأصالة والتجديد بما لا يصادم الأخلاق الحميدة الفاضلة وما لا يرفض المستجدات القيمة عادات وتقاليد متباينة تصنع الفرق بين المجتمعات وتؤثر في سلوكيات الأفراد منها ما ينتشر ويروج مع الوقت في مجتمعات كثيرة لاقتناع العقول به ومنها ما يضمحل ويتلاشى نتيجة عدم انسجامه مع ركب التغير والتجديد !