لما خلق الله تعالى الخلق ربط فيما بينهم بعلاقات كثيرة هي التي ضبطت تعاملاتهم في دنياهم
كل ذلك جاء في القرآن الكريم منصوص عليه بكل دقة متناهية
فعلاقة الرجل بالرجل إما أباً له كلفه حينها سبحانه بضرورة العناية بأولاده من كل وجه
أو أبناً أمره بوجوب الطاعة والبر والاحترام والعناية بوالده ولا سيما في كبره وضعفه
أو أخاً فرض بينهما الحب والاحترام والتقدير والتعاون والتضحية والمساعدة
أو قريباً أوجب له الصلة والبر وتقوية روابط التواصل على ما يحبه سبحانه
أو جاراً أوصى به خيراً وأمر بالإحسان إليه وحذر من إيذائه
أو صديقاً أو رفيقاً أو صاحباً كتب لهم الإحسان في التعامل والبر في الصلة
أو عالماً حض على التعلم منه والتمسك بما جاء به من علم حق وشرع صدق
أو طالباً علم أمر بالإحسان إليه ومساعدته على تحصيل العلم النافع
أو مسؤولاً عن عمل ما أوجب الإتقان في العمل والوفاء بما هو له
أو مسلماً من عامة المسلمين أمر بالإحسان إليهم وكف الأذى عنهم
أو حاكماً أمر بطاعته والتزام شرع الله تعالى الذي أجراه على يديه
أو عدواً ظاهراً حث على الصبر عليه وعلى أذاه وشروره وغوائله
أو عدواً باطناً حذر من الاغترار بما يحوكه في الخفاء وخلف الكواليس
كافراً بالله جل جلاله أوصى بالتلطف معه استمالة له للحق وإظهاراً لحسن شرعه المطهر
ليس في العلاقات التي جاء بها القرآن الكريم أدنى خلل أو زلل
كذلك علاقة المرأة بالمرأة فبنفس قدر علاقة الرجل بالرجل
كذلك علاقة الرجل بالمرأة إن كانت أماً أو أختاً أو بنتاً فبنفس ذلك القدر المنضبط
مع مراعاة الجانب النسوي وما يناسب وضعهن كجنس ناعم لطيف
أما علاقة الرجل بالمرأة إن كانت زوجة فقد حد لذلك حدوداً ظاهرة تماماً
تنسجم به العشرة فيما بينهما على منهج حق لا ضرر ولا إضرارا فيه
لكل منهما ما يتوائم معه من كونه طرفاً في الحياة وركناً ركيناً مهماً فيها
له ما له وعليه ما عليه لا يمكن الاستغناء عن دوره بتاتاً
علاقات إيجابية تامة بكل معاني الكلمة متوافقة متناغمة ومتوائمة متكاملة متكاتفة
فإن خرج أي من أولئك عن منهج ربه العزيز العلي الكبير
فقد خرق نظامه المتكامل وأفسد نسق الحياة المتناغم
حينها يحصل البأس كل البأس حين يشذ عن الجادة نفر يعتقد الخير فيما قد ذهب إليه
والرشد فيما يفكر فيه والحقيقية فيما يدور في خَلَده
من غير أن يراجع نفسه ويتبصر في حقيقة أمره وعاقبة مصيره
والخاتمة خلل وزلل واضطراب ومشكلات تضر بالجميع ما لم يتبصروا ويدركوا حقيقة أمرهم
لذا جاء في الحديث النبوي الشريف عن رضي الله تعالى عنها قال
(مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعاً)[البخاري]