سياج المجتمعات

لكل مجتمع قيم ومبادئ تسود فيه ومن ثم تحكم أهله من حيث لا يشعرون
يطبع عليها أفراد ذلك المجتمع وتتوارثها الأجيال سواء كان ذلك بقناعة أم بدونها
فما تلبث أن تتحول تلك القيم إلى عادات سائدة وتقاليد متعارف عليها
ومع الوقت تصبح تلك القيم والمبادئ كما لو كانت سياجاً يحيط بهم وتوجه تصرفاتهم 
بل وتعيد توجيهها شاءوا أم أبوا
بعض تلك القيم والمبادئ تكون إيجابية تصنف ضمن مفاهيم الأخلاق الحميدة
وتتوافق معها ومع قيم وتعاليم الدين السائد في ذاك المجتمع
وهذا لا بأس به إطلاقاً لأن تلك العادات والتقاليد الحسنة جاءت ضمن السياق العام للأخلاق الفاضلة
فتضبط سلوكيات الأفراد والجماعات وتوقف تصرفاتهم على حدود المعقول والمقبول
وبعض تلك القيم والمبادئ تكون سلبية تصنف ضمن ممارسات مجتمعية لا محمودة
فهي من جهة تخالف سياق الأخلاق الحميدة الفاضلة فضلاً عن تعاليم الدين السائد
ومن جهة أخرى تعتبر كم لو كانت عرفاً سائداً في المجتمع من الصعب تركه أو تجاوزه وتجاهله
هنا يحصل البأس كله في عادات وتقاليد ربما كانت غير سليمة أو لا منطقية فيها ورغم ذلك لا مناص من الخضوع لها 
بل والعمل بها من عامة الأشخاص
حتى أولئك الذين لم يقتنعوا بها يوماً لا يجدون مفراً من العمل بموجبها
عادات وتقاليد لم تكن يوماً أمور ملزمة في المجتمع لكنها صارت مع الوقت سياجاً يحيط به
قد يُعمل بها حتى قبل تعاليم الدين السائد في المجتمع وربما تقدمت عليه
والعجيب أن عامة الناس يقيدون أنفسهم العمل بها أكثر من التزامهم بحدود الدين
لأن العادات والتقاليد في المجتمع يعرفها عامة الناس حتى الفرد الأمي الذي يجهل كثيراً عن أمور دينه
وهذا ما جعل هؤلاء وأمثالهم يحاربون من خالف العادات والتقاليد ربما أكثر ممن خالف تعاليم الدين الصريحة
من هنا كانت العادات والتقاليد سياج المجتمع من حيث لا يشعر أفراده وجماعاته !