ضرورة الدين في حياة الإنسان

كل أنسان في دنياه بحاجة ماسة للدين في حياته
يشعر من خلاله بانتماء يجد فيه ارتياح نفسه ونزوعه الداخلي
والإنسان بغير دين يقدسه ويعظم تعاليمه كريشة في مهب الريح
تعصف بها الأهواء من كل حدب وصوب
وتعاليم الدين تشتمل على مصالح عظيمة ومنافع جليلة
تُشعر الفرد بأهمية دوره في هذه الحياة وأن له رسالة فيها وهدفاً حقيقياً من وجوده
يسعى لتحقيقه لنفع نفسه وبني جنسه من البشر
إذن مسألة الخضوع لمعبود عظيم خالق حكيم والالتزام بتعاليم دينه ومنهجه أمر منطقي جداً
وهو من دواعي الفطرة التي يجدها كل إنسان بداخله
ومن الصعب جداً أن يعيش الإنسان في هذه الدنيا من غير دين يؤمن به
ويجد فيه طمأنينة نفسه وسكينة خواطره
فحياة بلا دين تعني حيرة وقلق وشكوك تنتاب النفس البشرية وتعتريها
وتوقعها في دوامة وساوس وأفكار لا منطقية وتساؤلات لا تنتهي
والسبب الرئيس هو تجاهل صوت النفس الذي يناديها من داخلها
لتعتنق ديناً تجد به سمو جوهرها
وإذا كنا قد اتفقنا على ضرورة الدين في حياة الإنسان
يبقى السؤال الأهم هنا ! أين ذلك المعبود الذي يستحق أن يعبد فعلاً !
ومن هو الأجدر يا ترى والأقدر على وضع تعاليم دين حق
يجد فيه أتباعه غاية النفع ويدفع عنهم أدنى ضرر
طبعاً يستحيل أن يضعه البشر لأنهم سيختلفون في وضعه
وكل الأنظمة والقوانين والقرارات التي صاغوها ما استطاعوا الاتفاق المطبق عليها
فكيف لو حاولوا وضع دين يعتنقه كافة البشر
وهذا معلوم لدى الجميع لأن الأمر لا يخلو من مسألة النقص البشري
لاختلاف آرائهم ونظرة عقولهم في تقرير الأمور
هذا فضلاً عما سيطرأ على نتاجهم ذاك إن تحقق من تعديلات واستدراكات
ثم وعلى فرض أن أحداً من البشر هو من سيضع الدين
فأيهم يا ترى الأجدر على ذلك ! وهل تستطيع تعاليمه تلك الصمود أمام المتغيرات حقاً !
وهل يا ترى سيراعي مصالح الجميع ومنافعهم
أم أنها ستراعي من وافقت ميولهم ميوله، وأهواؤهم هواه ؟
فإن وضعته أنا مثلاً ألزمتك به وإن وضعته أنت ألزمتني به
إذن الدين الحق منهج يجب ألا يضعه البشر حتى لا يتمصلح من وضعه على حساب غيره
وحتى لا يجبر غيره على اعتناق ما لا يريد
فما ثمة إلا واحد فقط هو الأجدر والأصلح لأن يضع الدين
هو رب البشر أجمعين وخالقهم العظيم لأن الكل أمام منهجه سواء
بخلاف سائر الأديان التي وضعها البشر تخللها النقص والخلل من هذه الحيثية
حين قسموا أتباع الديانة الواحدة إلى رفيع وضيع
وكان الواجب أن يكون الجميع أمام الدين سواء لا فرق بينهم
وإذا استحال على البشر وضع الدين لقصورهم واختلافهم
يستحيل من باب أولى أن يضعه من هو دون الإنسان رتبة
كالجماد أو النبات أو الحيوان كلها لا تصلح أن تكون معبودات أبداً
فمن عبد الشمس أو القمر أو البقر أو النجوم أو الجن مثلاً
مخلوقات منصرفة عن الإنسان ولا تعلق لها به من جانب العبادة
فماذا عساها قالت لمن عبدها ! وكيف خاطبته ! وبماذا أمرته !
وماذا أعدَّت من نعيم لمن عبدها ! وماذا أعدت من جحيم لمن لم يعبدها !
وكيف وبأي لغة تم التواصل معه ! أمر لا يعقل ولا يختلف عليه اثنان
إذن فما ثمة إلا رب البشر سبحانه الخلاق العظيم الرازق الكريم المصرف المدبر
الذي يشعر الإنسان بقوته وقدرته هو وحده لا سواه القادر على ذلك
وهو ملاذ الخائفين وقاضي حاجات الناس أجمعين
هذا هو الإله الذي يستحق أن يعبد على الوجه الصحيح
الذي لا يستفيد من ذلك الوضع شيئاً ولا ينتفع به
والذي ساوى بين الجميع وكلنا محكومون بشرعه
فتحققت بذلك قيم العدل والمساواة بين الجميع
دون فرق بينهم أمام الدين من حيث الأداء والتكليف الشرعي
وبالتالي فلا حكم لأحد على آخر باسم الدين مطلقاً
بل كلنا نحتكم إلى شرع ربنا سبحانه الغني عن الجميع
وكلهم يشعر بأنه أمام إله قوي كلنا إليه راجع
والإنسان متى علم أن له خالقاً عظيماً كبيراً وناصراً ومخلصاً استكانت نفسه واطمأن قلبه
إذن وضع البشر للدين أمر باطل باتفاق
والدين الحق واحد لا سواه يجب أن يكون سماوياً من وضع رب البشر أجمعين
الأعلم بنا وبنفوسنا وبما يصلح شأنها وهو في كل الأحوال غني عنا تماماً
ولا تنفعه طاعتنا بشيء ولا تضره معصيتنا بشيء
ذلك هو المعبود الحق الذي توافرت فيه أربعة أمور
يتبع ...