بين الحرية والفوضى

كثيرون يعتقدون أن الحرية تعني فعل ما شاء الإنسان دون أن يكون لها حدود
وهي بهذا المعنى فوضى عارمة تبيح له تجاوز حدود الآخرين والتعدي عليهم
وهذا ولا شك أمر لا يقبله أحد ولا يبيحه شرع أو قانون أو نظام محترم
الحرية هي أن تفعل ما تشاء شريطة ألا تضر بنفسك أو بالآخرين من حولك
لأن الإضرار بالنفس ضرب من الجنون إذ كيف يضر الإنسان بنفسه
والإضرار بالآخرين تعدي سافر لا يقبله أحد مطلقاً
كل إنسان يرفض تماماً أن يتعدى عليه أحد مهما كان لأنه مستقل بذاته
شيء جميل أن يتمتع الشخص بكامل حظوظ اختياراته دون تأثير من أحد
لكن حين يكون واعياً لما حوله راكزاً في تصوراته مدركاً لحقيقة أبعاد قرارته
يفهم معنى الحرية الحقيقي وأنه لا يمكن أن يأتي بضرر على نفسه أو على أحد
نعم يبيح له التصرف كيفما شاء دون إملاء من أحد عليه في كافة شؤونه
لكن يحميه من أن يضر نفسه متجاهلاً دوره الرائد في مجتمعه وأسرته
فكل من حوله قطعاً يرفضون أن يضر هو نفسه بأية طريقة كانت ويحزنهم ذلك
لأن حياته لنفسه ولهم يسعدون به ويفرحون بوجوده ومتى مات فقدوا عزيزاً عليهم
فكيف يذهب ويضر نفسه متجاهلاً قيمته في حياته لدى الآخرين
لذلك الحرية الحقيقية تحميك من نفسك وتحميك من الآخرين أيضاً
وفي الوقت نفسه تحمي غيرك منك من أن تضر أحداً أو تتدخل في حياته وقراراته
عِش حياتك كما تريد أنت ودع الآخرين يعيشون حياتهم كما يريدون هم
لا تتدخل في حياة شخص أبداً ولا تؤثر عليه ولا تضر به ولا تحاول إيذاءه
بذلك تكون حمايتهم منك وحمايتك منهم متى ما وقف كلٌ عند حدوده
فرق كبير بين الحرية الحقيقية وبين الفوضى التي قد تسمى حرية
الحرية تحمي وتعطي وتُفرح وعاقبتها سعيدة والفوضى تحرم وتسلب وتُحزن وعاقبتها مؤلمة
كن حراً بكل معاني الكلمة واحذر أن تكون فوضوياً أبداً . تأمل الفرق بروية