الثقافة والسلوكيات

في كل مجتمع معايير ومؤشرات في واقع حياة الناس يتأثرون بها ومن ثم يتفاعلون معها
فيصبح الأفراد فيه معاول بناء ورقي وتطور أو أدوات هدم وتدهور وتأخر
أهم تلك المؤشرات التي تعد عوامل بناء إيجابية مسألة إطلاق الحرية للفكر الإيجابي
في تطوير نظام الحياة وفي إيجاد البدائل الفاعلة وفي تصحيح خط سير حياة الناس
وتقويم سلوكهم وتهذيب تعاملاتهم وفي إنتاج أطروحات من شأنها رسم خطط مستقبلية
تؤتي ثمارها على أرض الواقع بوجه عام
هذه هي المجتمعات الواعية التي تنظر للأفكار على أنها ثروة قيمة وطاقة وطنية ناجحة
بالتالي فيجب أن تستثمر حق الاستثمار بإعطاء الفرص كاملة لكل فكر إيجابي ناضج كي يوظف حق التوظيف
حين يعي المرء قيمة الأفكار التطويرية النوعية النافعة التي من شأنها رفعة الجميع
وحمايتها من أصوات الناقدين السلبيين ممن ليس لديهم الاستعداد للنظر إلى الأمور بجدية وإيجابية فيضخمون جوانب النقص دائماً
المجتمع بحاجة معرفة أن الطاقات الفكرية ولا سيما الشبابية مهمة في تحريك بل ودفع عجلة التقدم
لأن دماء الشباب مليئة بالحيوية والنشاط والعنفوان مما يجعل فكرهم متجدداً ولا سيما أنهم حلقة الوصل بين مفارقات الأجيال
لذا كان للشباب دور بارز في تطوير المجتمعات والارتقاء بها
والخطأ كل الخطأ في الاستخفاف بطاقاتهم وقدراتهم ولا سيما الفكرية التي تتسم بالانطلاق الهادف والحماس المتقد والعزيمة والإصرار
عليه يجب الحذر من مبددات الفكر التي تجعل الشاب لا قيمة له في مجتمعه
الأمر الذي قد يفقده الشعور بأن طاقاته الفكرية مهدرة تماماً وأنه مهمش في مجتمعه ولا فائدة من تعليمه أو خبراته
ومن ثم فلا جدوى من البوح بأفكاره وطموحاته كي لا تولد لديه نتائج عكسية
من هنا كم من فكر ناضج رشيد جاد جدير بالاحترام ضاع سدى لما لم يجد من يحتويه ويحسن استغلاله في بيئة تقتل الأفكار وتحرقها تماماً
الأفكار ثروة قيمة من ثروات المجتمعات ولا سيما تلك التي تهتم برعاها وتطويرها
قد يصل الأمر ببعضها إلى حد تبني بيع الأفكار فيها وبأغلى الأثمان
وبالتالي فمسألة إهدارها تعد جريمة حقيقية في تلك المجتمعات
استشارة واحدة قد تكلف أموالاً ربما طائلة لأن نتاجها سيكون بأضعاف تلك الأثمان المبذولة
لكن هذا الكلام لا قيمة له في مجتمعات أخرى لا تعير الإنسان ذلك الاهتمام المطلوب
الأمر الذي قد يجعلها تخسر كثيراً من الطاقات البشرية ونتاجها الفكري
ولا سيما حينما يخضع الإنسان طاقاته لخدمة رؤى معينة وتوجهات لا تخدم المجتمع
أو حين يوظفها وفق إطار مرسوم استغلالاً واستغفالاً للمجتمع وأفراده
أو حين يضطر الإنسان لحبس أفكاره لتظل طي الكتمان لاعتقاده أنه فلا فائدة من البوح بها
وهذا خطر كبير فمتى غفلت الإنسانية عن دورها الفكري التكافلي والتكاملي قد تنهار يوماً ما
فالعالم اليوم أضحى قرية صغيرة تنتقل فيه الأفكار والثقافات عبر الأثير بأبسط ما يمكن
ورب أبعد الأماكن شُقة تنتقل منه الأفكار إلى عامة الناس في مجتمع آخر فتطوف برأس الإنسان حيث كان 
وقد تؤثر عليه فتجعله يغير طريقة تفكيره ومن ثم مسار حياته ككل
تأثير الأفكار فوق ما يتصور كثير من الناس لنتفهم ذلك جيداً ونحسب له حسابه
لنعرف كيف نتعامل مع النتائج المستقبلية وكيف نزرع ما نريد حصاده غداً