كيف لإنسان يعيش في مجتمع يعج بالبشر من حوله وبالأقارب يحيطون به ثم يجد نفسه قاصياً عنهم وكأنه في عزلة تامة ليس من حوله أحد أبداً هذا يعني أن المشكلة ليست في وجود الناس الذين يحيطون به من كل مكان وإنما في نفسه المضطربة التي لا تجد ارتياحاً رغم كثرة التجمعات والمشغلات النفس هي التي تفرض على الإنسان ومن حيث لا يشعر حياة من نوع خاص يتصور خلالها تصورات لا وجود حقيقي لها إلا في مخيلته هو وحسْب تجعله وهو في حالته تلك لا يمكن أن يسلم للحقائق القائمة مهما كانت واضحة بل ربما جعلته يعيش في حياة أخرى منفصلة عن البشر لها أبعاد مختلفة عن حياتهم مشكلة حين يعتقد الإنسان أن كل من حوله في جانب وهو في جانب آخر كالاكتئاب الذي يجعله منزوياً عن الجميع منغلقاً على نفسه لا يشعر بقيمة الأشياء فيترك العمل ويحجم عن التواصل ويتبلد الحس والشعور لديه ويفقد الانفعال للحوادث والقلق أيضاً الذي يجعله يضطرب في اتخاذ القرارات نتيجة خوف من مستقبل مجهول فيفقد السيطرة على شعوره والاتزان في أفعاله وأقواله والاعتدال في تصرفاته والتوحد كذلك الذي يجعله وحيداً بالفعل فلا يشعر بالآخرين من حوله وإن كثروا ولا يعي حقيقة ما يقوم به من تصرفات ولا يهتم لذلك أصلاً كل أولئك قد تصدر منهم تصرفات لا مسؤولة ولا مقصودة وإن كان بعضها كارثياً لأنهم فقدوا أهمية وجود الذات وقيمة الأشياء في حياتهم وتأثير الناس من حولهم والداعي إلى كل ذلك قد يكون لأسباب مَرَضِية خارجة عن إرادتهم الفاعلة وقد يكون نتيجة إهمال شحذ الطاقة المعنوية في حياة الفرد والتي مصدرها الأول هو الدين الذي يمد الإنسان بالطمأنينة والسكينة على الدوام فيصفو ذهنه وتستكين جوارحه ويحس ببشريته ويشعر بإنسانيته حين يستمد منه الطاقة القيمية التي لا يجدها إلا فيه حقيقة الإنسان طاقات متعددة توافرها يعني تكاملها بصورة متزنة معتدلة أما متى طغى منها جانب على حساب أخر دخل الإنسان في حيز دوامات مهلكة تحيط به