الاعتدال القيمي

من أقوى دلائل (صلاح) الدين الحق التوازن القيمي والاعتدال السلوكي الذي يضمن صلاح المجتمع
المتمثلة في أحكامه وحدوده وتعاليمه وتشريعاته ومأموراته ومنهياته التي تحفظ الإنسان من كل ما قد يضر به
فلولا ذلك التوازن الذي يتعامل به الإنسان كفرد والناس كجماعة بشرية؛ ويرونه بحق سياجاً قيمياً معتدلاً
ولولا تلك التعاليم والتشريعات التي ضمنت للبشرية جمعاء المصلحة والمنفعة بكلياتها وتفصيلياتها سواء
والتي في ذات الوقت منعت عن البشرية أجمع أدنى مضرة أو مفسدة قد تفسد عليهم حياتهم فعلاً وواقعاً
لما كان لذلك الدين الحق معنىً لكونه ديناً قيماً بحق وصدق جاء لخير البشرية كافة لو تفطنت لذلك
وهذا يعني أن نفعية هذا الدين الحق عائدة على البشر عامة متى طبقوا تلك التعاليم والتشريعات
نفعية حقيقية للإنسان مع نفسه كفرد والإنسان وذويه كأسرة أو محيط والإنسان وغيرها كبشر
دين حق جاء بكل الروابط النافعة وكافة العلاقات الإيجابية بين الناس وحذر من أي سلبية بينهم إطلاقاً
كل ذلك ليعي البشر دورهم الرائد والرئيس في حياتهم الدنيا فيتكاملوا فيما بينهم بما يحقق الوئام
وينبذوا عنهم كل الممارسات والتصرفات والأفكار التي قد تفسد عليهم معيشتهم أو تضر بهم
الدين منهج علوي جاء بكل معاني الكلمة ليسود بين البشر فيعيشوا بسلام ووئام وتكاتف وتكافل
إذ من أهم مرادات الدين العليا حماية الإنسان حتى من نفسه حين يعتقد أنه حر التصرف فيها
أو حمايته من ماله حين يعتقد أن باستطاعته التصرف الجائر فيه فيفسد في دنياه وكان الواجب عليه الإصلاح
أو من منصبه حين يعتقد أن باستطاعته استغلال نفوذه ومكانته لما يعود عليه بالنفع الفردي وحسب
أو من وجاهته حين يسيء استغلالها في قضاء مصالحه الشخصية ولو كانت في مضرة الآخرين
أو من نسبه حين يعتقد أنه أعلى وأرفع شأناً من غيره هكذا وحسب تشريفاً لنفسه أو عنصره ليس إلا
أو من طاقاته ومقدراته حين يعتقد أنه الوحيد الذي له الأحقية في السعادة كما يتصورها دون الآخرين
كل تلك التصورات والأفكار والآراء والتصرفات والممارسات منبوذة تماماً إذ ليس شيء يميز الإنسان عن غيره
التميّز الحقيقي حين يستشعر الإنسان أنه مجرد واحد من مجموعة يسعى لخيرها ولنفع الجميع دون استثناء
حين يعي دوره الحقيقي كإنسان مستشعراً القيم الأخلاقية الحقيقية التي بها يعلو شأن البشر عامة
حين يدرك أنه اجتماعي يستفيد ويفيد ويأخذ ويعطي ويتعامل الجميع ويتعاون مع الكل بكل بساطة
وأنه لا غنىً له عن غيره فاليوم هو القادر القوي وغداً هو العاجز الضعيف فليعمل إذن لكلا اليومين
الدين قيم متكاملة من تأملها علم أنه قد جاء بالفعل لخير الجميع بإقامة علاقات إيجابية مثمرة واقعاً