واقع الحياة الفعلي

أكبر ما يؤرق الإنسان في حياته أن يعيش حياة المنفصل عن واقعه
حين يظل يفكر في المستقبل بطموح عالي راجياً مجيء ذلك اليوم الذي يتحقق فيه
فينفصل حينها فكره عن الواقع الذي يعيشه ويدخل في أحلام اليقظة
التي ربما لن تتحقق ولن يجيء ذلك اليوم الموعود بحسب تصوراته
لكن تفكيره بتلك الطريقة جعلته مرتهناً لتلك الأحلام نافراً عن حاله وأحواله
الأمر الذي يقوده إلى إشغال عقله بما لا فائدة منه سوى الأماني والأحلام
وكل يوم يمر عليه يعتقد أنه قد اقترب من الحلم وإذ به يقترب من الأجل
فلا هو عاش اللحظة والساعة واليوم والشهر والسنة التي يحياها وتحيط به
ولا هو وصل إلى شواطئ تلك الأحلام التي ظل يفكر بها حيناً من الدهر
هنا تتحول حياته إلى جحيم لأنه لم يدرك تلك الحياة الوردية المريحة
ولو أنه فكر قليلاً في حقيقة وضعه في الدنيا لربما راضت نفسه واقتنعت بحاله
فرق كثير بين الآمال الممكنة والأماني المستحيلة . نعم كلها طموح مستقبلية
لكن منها ما هو طموح معقول يمكن إدراكه والوصول إليه مستقبلاً
ومنها ما هو طموح تجاوز المعقول إلى حيث الخيال والأوهام الزائفة
عِش حياتك الحقيقية ولا تنفصل عنها فلن تدرك ما لم يكتب لك مهما فعلت
حياة اللحظة الحقيقية تجعلك تقنع وترضى وتسلم وتجتهد لتحسين وضعك في دنياك
أما حياة الخيال والأحلام فلن تزيدك إلا حسرة وندامة وتعباً وإرهاقاً مجهداً
لا بأس بأن تطمح في حياتك لما هو أحسن وأفضل لكن بعقل وتعقل وواقعية
أما التفكير في المستقبل بطريقة مفرطة ومبالغ فيها من غير وعي وبصيرة
ونسيان الحال الذي يعيشه الإنسان بكل ما فيه من أحداث ووقائع فتلك مشكلة كبرى
تقع تبعاتها على الشخص فلا هو عاش اللحظة ولا هو أدرك منتهى الفكرة
والنتيجة شتات أمر وضيق صدر وعدم تركيز واضطراب في اتخاذ القرار
وكل ذلك نتائجه سلبيات كثيرة تزيده إرهاقاً وتعباً نفسياً وبدنياً في دنياه ! فتنبه