قُدِّر على الإنسان حظه من الذنوب والمعاصي قطعاً ومستحيل أن ينجو منها أحد أبداً يقع فيها من باب التفريط والتقصير في العبادة وهذه هي عامة ذنوب الخلق ومنها ما يقع فيه المرء نتيجة تجاوز حدود الشرع المطهر من أقوال وأفعال ومخالفات فما من يوم إلا وللإنسان فيه مخالفات وتجاوزات كثيرة ومتعددة إلا من رحم الله تعالى الذي جعل بواسع فضله وجميل ألطافه سائر العبادات في حد ذاتها كفارات ولولا ذلك لأحاطت بالإنسان ذنوبه من كل حدب وصوب ولأهلكته مرة واحدة هذا بالإضافة للتوبة والاستغفار وكافة المصائب والأقدار التي تجري على الإنسان وهذا يعني أن الإنسان في حقيقة أمره في مغسلة مستمرة في كل ساعات يومه يُذنب ثم يصلي فتمحو الصلاة ذنوبه ويستغفر ويتوب فتُمحى ذنوبه وتصيبه مصيبة أو بلاء فتمحو من ذنوبه ويستغفر له أخوه المسلم فيُغفر له ويدعو آخر لكل المسلمين فيستجيب الله تعالى دعوته في ظهر الغيب والعبد لا يدري فيصيبه الله سبحانه من تلك الدعوة الصادقة فيغفر له من ذنوبه وهكذا يظل الإنسان بين ذنوب وكفارات وذنوب توبات وذنوب واستغفارات وذنوب أقدار ومصائب وبلاءات وذنوب دعوات من إخوانه المسلمين تسودّ صحيفته ثم تبيض ثم تسود ثم تبيض وهكذا طوال أيامه ولياليه وسني عمره عليه إذن ألا يوقف قطار العبادات لأنها كفارات وعليه ألا يتوقف عن التوبة والاستغفار لأنها هي التي تبقيه في حيز دائرة التعرض للرحمات الإلهية والنفحات الربانية مهما كانت الذنوب والمعاصي والآثام كثيرة ففرص محوها أكبر وأكثر بكثير المهم أن يعي الإنسان أن ذنوبه لن تغرقه ما دام في حيز تلك الدائرة واقعاً مهما عظمت ذنوبه ومعاصيه وآثامه ومهما كثرت وتكاثرت حوله وحواليه هذا فضلاً عن عظيم رحمة الله تعالى بعباده ومغفرته لهم رغم تقصيرهم وتفريطهم في جنبه ضع في مخيلتك أيها الإنسان أن الذنوب لن تهلك صاحبها إلا بتحقق أمرين اثنين الأول ترك العبادات لأنها أكبر الكفارات في الحقيقة كما تبين والثاني ترك التوبة والاستغفار حين يستحوذ الشيطان على الإنسان ليتركها ويهجرها ويصور له أن التوبة والاستغفار لا قيمة لهما وأن العذاب قد أحاط به من كل جانب وأن ذنوب ومعاصيه قد استغرقته فلا توبة له رغم علم الإنسان بخطأ ذلك تماماً فالتوبة والاستغفار هما الصلة بين الله جل شأنه وجميع عباده حتى المذنبين دون استثناء لكنه الشيطان يوصل الإنسان إلى حيث درجة اليأس والقنوط وسد كل الأبواب دونه حينها فقط يورد على مخيلته فكرة الانتحار ويحسنها له للتخلص من حياته ليموت الإنسان من غير توبة واستغفار ورجوع صادق إلى ربه جلت قدرته ليقبله عنده بتلك الفكرة فقط (الانتحار) تنقطع دائرة الذنوب والمعاصي فتحيط بصاحبها فعلاً ولا توبة له حينها لأنه قد أنهى حياته بنفسه بتلك الطريقة البائسة دون تفكير التي حرمته من كافة فرص الرجوع إلى ربه العلي العظيم العفو الغفور البر الرحيم الشيطان يريد أن يقطع عليك خط الرجعة المتاح لك مادامت روحك تسري في جسدك يريد لك الهلاك الأبدي ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ولو بذنب صغير رغم عظمة الله تعالى الذي شرع لك كل سبل الرحمة وطرق العودة إليه وبكل سهولة ويسر وفي أي وقت كان وبدون أية واسطة بينك وبينه إطلاقاً فقط توجه إليه بقلبك صادقاً وسيقبلك مباشرة أبواب التوبة والرحمة مشرعة في كل وقت وحين لا زمان لها ولا مكان ولا أية ترتيبات ضع في مخيلتك أن الذنوب والمعاصي مهما كثرت وتعاظمت فلا وزن لها إطلاقاً متى قوبلت برحمة الله جلت عظمته وتقدست أسماؤه الذي من واسع رحمته وجميل ألطافه يقلب تلك السيئات السوداء المهلكة للعبد ويبدلها إلى حسنات بيضاء نقية منجية له دوماً استحضر عظمة الله تعالى في كل شيء واحجز نفسك عن الذنوب المعاصي ما أمكن وإن وقعت في شيء منها فبادر إلى التوبة والاستغفار وقبل ذلك احرص على العبادات لأنها أعظم كفارات في حقيقتها سواء كانت عبادات يومية أم أسبوعية أم شهرية أم سنوية أم عمرية حتى يكتب الله جل شأنه للإنسان بها الرضوان والعفو والصفح متى شاء ذلك الإله والرب العظيم الكريم الحكيم الحليم العليم الرحيم جل ربنا في علاه فاحذر البُعد عنه وإن ابتعدت فعُد إليه سريعاً تجده في انتظارك دائماً وأبداً . سبحانه
