دائرة التكامل البشري

يتمايز البشر فيما بينهم في القدرات والإمكانات ولا سيما العقلية والفكرية منها
هذا التباين والتمايز هو الذي أحوج بعضهم بعضاً في دنياهم ولا شك
وفي الأمثال الشعبية الدارجة قولهم : الناس بالناس والكل بالله تعالى
ولولا ذلك لما أقام الناس علاقات فيما بينهم يتبادلون عبرها خبراتهم ومكتسباتهم
إرادة الله جل شأنه أن ألجأهم ليكونوا إخوة ضمن رباط الإنسانية العام لا انفكاك عنه
الرباط الذي تنكر له الخلق كثيراً وحاولوا قطعه كرات ومرات لكنهم لم يستطيعوا
لم يستطع كل طرف منهم أن ينفي الطرف الآخر مهما حاول وعمل
تمر على البشر فترات يتفوق فيها جنس على آخر ويتولى هو قيادة الدفة
ثم ما يلبث أن يخفت وتنطفئ جذوة ناره فيتفوق عليه الطرف الآخر ويتولى القيادة عنه
ذلك هو مضمون القاعدة الكونية والآية القرآنية الكريمة التي ذكرها جل شأنه في كتابه العزيز
(وتلك الأيام نداولها بين الناس) حقاً يتداول فيها البشر قيادة الأمم والشعوب
وفي تلك المداولات تتعاقب الأمم عبر الأجيال خبرات عديدة ومكتسبات جديدة
ما تلبث أن تعمم على كافة البشر وتنتشر وتروج فيما بينهم كإخوة لا فرق بينهم
كل ما يبتكره جنس من البشر في فترة من الزمن حال ارتفاعهم في حقيقته هو للجميع
ليس حكراً على أحد وحسب إنما هي مكتسبات يستفيد منها الجميع
بذلك تتكامل دورة الحياة فيما بين البشر ارتفاعاً وانخفاضاً صعوداً ونزولاً
تتباعد مصالحهم تارات وتتقارب تارات وتتلاقى تارات عبر تقلبات الزمان
وفي عجلة تلك التغيرات والتقلبات يستفيدون من بعضهم رغم كل العداوات
تلك الاستفادة هي التي حققت التكامل فيما بينهم ليرتقي جنس الإنسان في حياته
وفي ذلك دليل قاطع على أن البشر مصيرهم مشترك لا يمكن بته ألبتة
تجمعهم قيم إنسانية مشتركة وإن تنازعوا فيما بينهم واصطرعوا
تلك القيم تدعوهم من حيث لا يشعرون إلى التعاون فيما بينهم مهما اختلفوا على مصالحهم
وأن بإمكانهم أن يقتسموها فيما بينهم بدلاً من أن يختلفوا لأجلها ويقتتلوا عليها