دائرة التعلامات البشرية

يظل الإنسان طوال عمره وهو يحتك بمن حوله من الناس في كل أيام عمره
تعاملات لا تنتهي بعضها يُبنى على روابط قوية وبعضها يبنى على روابط ضعيفة
وتعاملات أخرى بعضها يبنى على علاقات قوية وبعضها على علاقات ضعيفة
وتعاملات ثالثة وقتية طارئة عابرة لا علاقات فيها ولا روابط لها إطلاقاً
في كل تلك الأحوال يحتك فيها الإنسان بمن حوله من عالم البشر بشتى صنوفهم
وكافة أخلاقهم ودياناتهم وثقافاتهم وأفكارهم وقناعاتهم الإيجابية والسلبية
مما يعني أن عليه اعتماد طريقة تعامل مع الجميع وفي كل الأحوال والحالات
بما يبقيه في موقع الاحترام من الجميع بتصرفات منطقية معتدلة متزنة لا جنوح فيها
وإلا كانت ممارسات ممقوتة مذمومة تعود عليه باللوم والازدراء والانتقاص
نتيجة التقصير والتفريط في تصرفات غير لائقة ولا مقبولة من قِبل الآخرين
يجب أن تكون تصرفاته تلك على مستوى عالٍ يضمن من خلاله تعاملات راقية
والمعنى أن الناس من حوله ينتظرون كيفية تعامله معهم ليقابلوه ذات الأسلوب
فإن كان أسلوبه رفيعاً قوبل باحترام فائق وكلما اتضع الأسلوب قلّ الاحترام
أنت أيها الإنسان من يفرض احترامه على الأخرين أو من يضيع احترامه لديهم
كن على مستوى الاحترام المطلوب وابذله لمن سواك وسيعاملك الجميع به
لا تنتظر من غيرك من الناس احتراماً فائقاً قبل أن تبذله أنت له وتبادره به
ولا تلم من عاملك بقلة احترام إن بَدَر منك ما يقلل من احترامك له وانتقاص قدره
عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به مبدئياً من أسلوب حسن وتعامل رفيع المستوى
وأفضل من ذلك وأرقى وأعلى وأحسن اصفح عنهم إن هم ازدروك أو انتقصوك
لأنك في تلك الحالة ستكون أفضل منهم قطعاً بما تفضلت به عليهم من عفو وصفح
ومن تسامح ومن كريم خصال بدأت بها نحوهم مبادراً ومحسناً الظن بهم
سلِّح نفسك بتلك الأمور فالحياة ليست يوماً واحداً وحالاً فريداً مطلقاً
ستمر بك أيام تحتاج فيها لرصيد كبير من الصبر والمصابرة والتغافل والعفو والصفح والتسامح
الحياة مضمار كبير وساحة واسعة والناس فيها صنوف شتى ومشارب مختلفة
قليل الصبر وضعيف الشخصية ومضطرب التعامل مع من حوله سيتعب كثيراً
تحتاج لأن تكون على مستوى عالٍ من المرونة والسلاسة التي تمتص بها إساءات الآخرين
وتكسب رضاهم وتكسر شوكة عنفوانهم وتهدئ من رَوع انفعالاتهم واندفاعهم
تحتاج لقوة إرادة وحكمة وروية لتتغاضى عن المسيء منهم ما أمكنك ذلك واقعاً
فإن لم تفعل فستندم كثيراً نتيجة ما ستجني من عاقبة تصرفاتك المندفعة واللا محسوبة
اضبط ردة فعلك جيداً ولا تنفذها وأنت غضبان أو منفعل حتى لا تكون عنواناً لشخصيتك
كن هادئاً ما استطعت ورب كلمة لينة بسيطة تفسد بها جام غضب كلمات هوجاء
ابدأ أنت بالتصرف بلباقة وحكمة وأسلوب رفيع تستميل به قلوب الآخرين
ولا تكن مجرد ردة فعل تجاه تصرفاتهم ومواقفهم ومن ثم تريد أن تحاسبهم عليها
لن تسمع ممن حولك كلمات المدح والثناء لشخصيتك إن لم تكن كذلك فعلاً
ولا تنتظر أنت أصلاً أن يقابلك الناس بمثل ذلك مما لا تستحقه واقعاً
حكمك على الناس غير دقيق عادة لكثرتهم وتنوع شخصياتهم وتباين ثقافاتهم
وحكمهم عليك صائب غالباً فلن يُجمع الناس عادة على أحد إلا بما فيه حقاً
استفد من أقوالهم فيك واعتبرها نصائح مجانية باردة ولا تعتبرها لهجة نقد لاذع لك
فالإنسان بطبعه يجيد الانتقاد واقتناص الخلل والزلل والوقوف على عيوب الآخرين
لكن أغلب الناس لا يجيد تقييم نفسه على الحقيقة وحتى وإن فعل فلعله يجافي الدقة
الآخرون هم الذي يجيدون تقييمك فانظر في حقيقة أقوالهم واستفد منها ولا تتبرم
فما كان إيجابياً فيك حقاً نَمِّه وطوره وما كان سلبياً عدِّله ومع الوقت اجتنبه
اعتبر كلماتهم فيك مجرد دورة منحتها مجاناً في كيفية أسلوب التعامل الأمثل
بذلك تستفيد من غيرك لتبني نفسك كما تحب وكما يحبون قدر الإمكان
لا تتشنج إن سمعت كلمات لاذعة جارحة فلعل بعضهم يجيد الوقوف على الأخطاء فعلاً
أنت الكسبان حينها لأنه يكون قد لفت نظرك لما كان يجب أن تتنبه له حقيقة
بذلك فقط تستفيد من كل ما قيل فيك إن حقاً فهو تقييم دقيق وإن سوى ذلك
فستقف على حقيقة أفكار الناس فمنهم الناضج الواعي ومنهم الأقل نضجاً ووعياً وهكذا
حسبك أنك تعرف كيف تتعامل مع الآخرين بما تحب أن يعاملوك به من أساليب
في كل الأحوال ستصب منافع ذلك في كيفية تقويم شخصيتك وتطوير سلوكك
هذا هو عين المطلوب فعلاً خُلق حسن وأسلوب رفيع وتعامل أمثل مع الجميع دون استثناء
وصولاً للمرغوب واقعاً من تصرفات لبقة وسلوك لائق معتدل متزن ! فتبصر