مهم جداً إدراك أن التربية لها ثمرات لكنها قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية
الإيجابي منها هو المطلوب ولا ريب والسلبي بكل حال منبوذ قطعاً
جهد التربية مبذول من المربي ولا ريب في كلتا الحالتين
لكن الغريب في الأمر والمهم في نتائج الأمور التربوية أمران
الأول . إن زرعت شوكاً فلن تجني عنباً وإن تركت المسير فلن تصل إلى مبتغاك
وهذا أمر لا شك فيه ولا حُزن عليه لأنك طلبت أمراً فوجدته كما أملت
والثاني . إن زرعت زهوراً فقد تجني ورداً وقد تحصد غير ذلك
كثيرون أحسنوا تربية أولادهم فلذات أكبادهم واجتهدوا قدر المستطاع في ذلك
لكنهم لم ينعموا ببرهم كما كانوا يأملون فيهم ويؤمِّلون منهم للأسف
قد يجتهد الأب وقد تجتهد الأم ويبذلون كل ما يملكون فيذهب كل ذلك سدى
وقد تتأخر ثمرات التربية قليلاً فيصحو الولد من غفلته ويعود إلى حيث الرشد
وقد لا يصحو أبداً بل ربما كان على صحو ثم دخل في دوامة ضياع وتيه
وتنكر لوالديه ونفور منهم بل ربما كان عصياناً ما بعده من عصيان
أيها المربي . أنت تربي لزمان غير زمانك ومكان غير مكانك وحال غير حالك
أنت تربي شخصاً قد يختلف عنك في طريقة تفكيره ونظرته للأمور
كياناً بشرياً من المفترض أنه مستقلاً عنك حياته غير حياتك قطعاً
فسلِّحه لتلك المفارقات الحاصلة ليستقبل حياته وكل ما سيمر عليه من مستجدات
اختلاف الزمان والمكان والوضع والحال والاهتمامات وطريقة التعامل مع معطيات الأمور
طور طريقة تفكيره ليكون مرناً قادراً على التغيير والتجديد في حياته
ليكون مستعداً للأحسن وللأسوأ سواء فليست الأيام يوماً واحداً
ليعي بكل ثقة وفهم أن الأيام حبلى بكل ما هو مفرح ومحزن وما هو مطمئن ومؤرق
ليتحمل كافة مسؤولياته بنفسه فلا يركن على أحد ولا ينتظر من الآخرين الغوث
إن لم يستطع النهوض على قدميه بنفسه فلن يثبت على الأرض بذاته
ليتحرر من التبعية في كل شيء وبالأخص كيفية تفكيره ونظرته للأمور
فإن فكر كما يفكر شخص ما متأثراً بفكره معتقداً رمزيَّته فقد تبعه من حيث لا يشعر
كن أنت كما أنت ولا تكن نسخة من غيرك
فإن كانت سلوكياتك وتصرفاتك معتدلة متزنة منضبطة فأنت شخص عاقل واعٍ مدرك
وإن كانت سلوكياتك منحرفة منجرفة منحازة مائلة متوترة فأنت شخص مضطرب
كثيرون هم السائرون على الطريق في وسطه وعن يمينه وعن شماله
وحتماً ليس جميعهم سيصل بل كثيرون سيتيهون ويضيعون في سباق الدنيا المحموم
فالزم الاستقامة لتضمن الوصول واسلك سواء السبيل أي منتصفه لا تحيد عنه
لذا جاء في الحديث النبوي الشريف قوله صلى الله عليه وسلم لمن جاء يستوصيه
(قم آمنت بالله ثم استقم)[مسلم]
