تحمل الإساءة

من أعظم الأمور التي تجعل الإنسان عظيماً في مجتمعه وفي عيون جميع من حوله
وتكسبه مودة كثير من الناس واحترامهم وتقديرهم له ولشخصيته المتزنة المعتدلة
فالصبر على ما بَدَر من الآخرين من تصرفات عشوائية وسلوكيات غير مرضية
وكظم الغيظ وضبط انفعالات النفس وعدم مبادرتهم بالمثل كل تلك رفعة للمرء
لذا جاء في الحديث النبوي الشريف ما يبين ذلك وبكل وضوح بقوله صلى الله عليه وسلم
(ليس الشديد بالصُرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)[متفق عليه]
تحمل الإساءة من قِبَل الآخرين والصبر على أذاهم منزلة عليا ولا ريب تضع للمرء اعتباره
وأرفع من ذلك منزلة هي مقابلة الإساءة بالإحسان ومقابلة القبيح بالجميل وبالعفو والصفح
هنا يتباهى الناس بقدرتهم على التحمل وبمدى سماحة نفوسهم وسعة قلوبهم الكبيرة
فمقياس القلب الكبير والنفس السمحة ليس مجرد كلام يقال وحسب
وإنما أفعال تحسب للرجال وتُعرف في أوقات الأزمات حيث الهيجان والانفعالات
في مثل تلك المواقف الحرجة ومحكات الظروف يظهر معدن الإنسان الحقيقي
حين يربطه عقله بالحق فينصف نظيره أو خصمه وعدوه مهما كان الأمر
مهما بلغ غضبه لا يخرجه من الحق بحال ولا يدخله في الباطل مطلقاً
هذا هو المسلم الحقيقي الذي يستحضر الأخوة في الدين فلا ينسى إنسانيته
ولا يتعامل مع من حوله بالمثل وإلا لتقطعت العلاقات وذابت الروابط
كثير من الناس يعتقدون أن المعاملة بالمثل هي المعاملة الصحيحة وهذا خطأ كبير
في الأثر قوله صلى الله عليه وسلم : (وأن أصل من قطعني، وأعطي من حرمني، وأعفو عمن ظلمني)
بمثل هذه الخلاق يسود ذكر الإنسان الطيب ويبقى من بعده أثرٌ يتكلم عنه الناس
كثير من الأموات ذكرهم الطيب باق بيننا وكثير من الأحياء أموات بيننا لا ذكر لهم
تحمل الإساءة قدرة لا يطيقها كل أحد لذا جاء في الحديث النبوي الشريف قوله صلى الله عليه وسلم
(المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم)[الترمذي وابن ماجة]