بين الشاب ووالديه

يفكر الشاب دوماً في مستقبله ويبدأ يرسمه في مخيلته معتقداً أن كل شيء سيكون على ما يرام
وأن كل أفكاره صحيحة ومنطقية ولها أثر إيجابي خالص لا عقبات فيها مطلقاً
ويعطي نفسه ثقة زائدة حين يصرّ على ضمان جودة أفكاره ويمنحها نجاحاً غير قابل للإخفاق
الأمر الذي قد يصل به إلى اعتقاد بلوغ ذروة الفكر الصائب الذي لا يقبل المراجعة
وبالتالي وجب على الجميع ممن حوله الاقتناع بفكره دون نقاش أو جدال إطلاقاً
ويخرج البعض عن نطاق المعقول والمقبول إلى حد يتجاهل تماماً دور والديه في توجيهه
بل ربما اعتقد أنه أفضل منهما فيما يرى وفيما يطرح من أفكار يراها جديرة
غير ملتفتٍ إلى كبر سنهما وإلى قيمة تجاربهما في الحياة وما لاقياه فيها من صعوبات
الشاب هنا كريشة في مهبّ الريح لأنه لم يقدِّر من هم أكبر منه سناً وأكثر تجارباً
ولم يضع في باله حقيقة أن لكل فكرة جوانب إيجابية وأخرى سلبية قطعاً
وأن النظر في الإيجابيات فقط دون النظر إلى السلبيات من الطيش والسفه بمكان
وأن اعتقاد الإنسان أنه يمكنه إفراز أفكار كما يجب ومن ثم سيجدها كما يحب
ضرب من الجنون لا وجود لذلك إلا في مخيلته هو فقط دون سائر الناس
وفوق ذلك اعتقاد أن الإنسان هو الأقدر على إنتاج أفكار صائبة وبصفة دائمة
أمر لا عقلانية فيه فكل شخص يؤخذ منه ويرد عليه لا كمال لأحد مطلقاً
على الشاب إذن إشراك والديه فيما يفكر فيه والاستماع لما يقولانه جيداً
ومن ثم دمج فكرته وأفكار والديه ليخرج منها بفكرة مستخلصة مقوَّمة
مزيج بين طموحه وحماسه وعنفوانه وانطلاقاته وبين خبرة سنين عديدة وتجارب أعوام مديدة
اكسبت والديه النظرة الثاقبة والفكرة الراجحة والنضوج العقلي المطلوب
حينها فقط يكون الشاب قد مد يديه لوالديه يمسكان به كلٌ من طرف
يهديانه بعد الله تعالى إلى سواء السبيل وهما له قطعاً أفضل مرشد وخير دليل
الوالدان هما العون الأكبر للشاب في كل مراحل عمره وإن شاخ أمامهما وعجز
فمن أعرض عن والديه خسر كثيراً ولا ريب في كل مفاصل حياته ! فانتبه