كثيرون هم الذين لا يستطيعون بناء أنفسهم بوجه إيجابي ويتركون ذلك للآخرين يعبثون بهم يتأثرون بكل كلمة يسمعونها من غيرهم وبكل تصرف يتعرضون له في واقع حياتهم تلك الكلمات والتصرفات تؤثر في دواخل نفوسهم ومن ثم في تكوين شخصيتهم مستقبلاً هنا يكون الإنسان صنيعة غيره حين يتصرف بحسب ما في نفسيته ومخيلته التي تكونت سابقاً والحقيقة أن كل إنسان يبدأ حياته بتلك الطريقة ففي صغره لا يجيد إلا التقليد والمحاكاة والتعلم ممن هم أكبر منه سناً ولا سيما المحيطون به من أفراد الأسرة والمعلمون له والمحيطون به وهذا أمر طبعي لا إشكالية فيه إطلاقاً فكل إنسان فيه جزء اكتسبه من بيئته وما نشأ عليه لكن هذا الأمر من المفترض أنه ينتهي بمجرد تجاوزه لمرحلة المراهقة وبداية سن الشباب حينها يبدأ يبني نفسه بنفسه لا بالآخرين وما يصدر عنهم ومنهم من أقوال وأفعال بناء الشخصية في تلك الآونة تبدأ معالمها حينما يعي الشاب ويدرك مسؤولية تصرفاته وحين يبدأ يفكر بجدية تامة ويخطط للمستقبل الذي يطمح فيه ويصبو إليه وحين يدرك أن الحياة ليست مجرد لهو ولعب وتسلية وإنما كمّ من المسؤوليات والمهام الكبرى كل إنسان فيها مسؤول عن نفسه بالدرجة الأولى وعن تصرفاته التي تصدر منه وعنه وسيؤاخذ بها إيجاباً وسلباً عاجلاً كان أم آجلاً في دنياه وفي أخراه فليتنبه لذلك تماماً بناء الشخصية يحتاج من الشاب وقفات جادة مع نفسه يفهم فيها الحياة على حقيقتها وأن ما كان قد جرى له في صغره ليس مسؤولاً عنه في الواقع ولن يؤاخذ به وأن بإمكانه متى تسلح بالعزيمة والإصرار والتصميم والإرادة القوية الصادقة تغيير ما كان قد نشأ عليه من أوضاع لما هو أحسن وبالتالي سيتغير وضع حياته وبإمكانه مع الوقت أيضاً الانفكاك من أسر موجات التربية السلبية التي تعرض لها ومن ثم معالجة ماضيه وما كان قد حصل له من حوادث مؤلمة لينطلق نحو المستقبل هنا تظهر معالم الشخصية الحقيقية عبر إرادة الشاب تحقيق منجزات تنسيه ماضيه وعبر إثبات النفس لأنه الآن والآن فقط أصبح مسؤولاً عن تصرفاته وليس في صغره في الإنسان قدرة كبرى تسمى (النسيان) تجعله قادراً على تغيير ماضيه وواقعه السلبي وتجاهله والتفكير بجدية في المستقبل الزاهر المضيء لتطوير ذاته حين يبدأ ينشغل به لا بماضيه كل إنسان حين يستحوذ ماضيه على تفكيره ويهيمن عليه سيظل أسيراً للحوادث المؤلمة فيتسلط عليه التشاؤم والخوف من المستقبل ويبدأ يتقوقع على نفسه لا ينطلق ولا يفكر بإيجابية وهذا هو أهم عوامل هدم الشخصية من الداخل والمسمى (الانهزامية) بالركون إلى الوساوس هنا يبدأ كل من حوله يوجهون له اللوم والعتب والتأنيب ويمارسون عليه ضغوطات كثيرة كل ذلك بقصد ضرورة التغيير لواقع حياته السلبية وهنا قد تبدأ معه مرحلة حرجة بالنسبة له لأن كل تلك الضغوطات ستؤثر على شخصيته ونفسيته ومع الوقت سيكون ضحية لها يشتركون في صناعة شخصيته الهزيلة التي قد تستجيب لأية ضغوط واقعة عليه ولو من جاهل أو قد يستنكف عن الانصات لنصح أقرب الناس له نتيجة الاضطراب والشكوك والوساوس وهذا بدوره يجعله يترك العمل الجاد ومحاولات تحقيق الذات والسعي بخطى واضحة للنجاح إلى حيث تحقيق الأهداف بما تيسر له من أمور متاحة وممكنة بحسب ظروف معيشته الإنسان هو الذي يبني نفسه وهو الذي يهدمها وهو الذي يفتح الباب للآخرين أو يغلقه فيتسللون إلى نفسه ويحاولون توجيهها والتأثير عليها أو يمنعهم من ذلك تماماً أو جزئياً يجب على كل إنسان معرفة أن شخصيته عُرضة للتغير مع الوقت كلما كبر زادت الضغوطات نتيجة زيادة كمّ المهام والمسؤوليات الواقعة عليه والتي تفرض بدورها ضرورة التغيير والناس بدورهم يحاولون التأثير على بعضهم من حيث لا يشعرون هذا أمر مفروغ منه فمخالطة الناس تستدعي منهم نقل الخبرات إلى بعضهم ونتائج الحوادث والوقائع الحاصلة وتوجيه رسائل لبعضهم ونصائح منها الإيجابي ومنها السلبي بدعوى التنبيه والإرشاد وهذا بدوره يعد إيحاءً يوحي به بعضهم إلى بعض فتتلقاه العقول الباطنة من غير إدراك تام له ومن ثم يبدأ كل منهم بتطبيق ما سمع وعَلِم فيعيد توجيه حياته وفق المستجدات التي اكتسبها وهنا يحصل التأثير على الشخصية ولا سيما مرحلة الشباب الذين لم يبلغوا مرحلة النضج التام ويشعرون بعدم استقرار حياتهم مما قد يصعِّب عليهم اتخاذ قراراتهم بصورة إيجابية غالباً والتصرف بصورة جزافية وطريقة عشوائية غير محسوبة العواقب ولو بالحد الأدنى منها كل ذلك يؤثر على الشخصية وهذا بدوره يؤثر على اتخاذ القرارات الصائبة في وقتها المناسب الأمر الذي يجعله يتخبط في تصرفاته مع كل من حوله فيقع فريسة مشكلات الحياة المتأزمة ربما قليل من التعقُّل واللجوء بعد الله تعالى إلى العقلاء والنصحاء ممن بلغ مرحلة النضج سيوفر على الشاب جهداً كبيراً وعملاً كثيراً ووقتاً مهماً يحقق له ما فكر فيه وهو متحيِّر البال ماضيك في صغرك تركك فاتركه وتجاهله ولا تلتفت إليه ولا تشغل بالك به فلن يعود والمستقبل أمامك يناديك فأجبه واستعد له وشمر للوصول إليه حينها ستبني نفسك حقاً وبصورة إيجابية تماماً متسلحاً بإرادتك وتصميمك وعزيمتك وإصرارك لتحقق نجاحاتك ركِّز على ما في يديك الآن لا على ما كنت في يده سابقاً وأنت حدث السن افهم ذلك جيداً وإلا كنت ضحية في دنياك ولن يفيدك أحد ممن حولك مهما حاولوا ما لم تقف أنت مع نفسك وقفة جادة لتصحيح خط سيرك ! تفكر بعمق
