الشابة

مرهقة بدأت تنضج أكثر جسدياً وعقلياً وتعي دورها الرائد في الحياة وفي مستقبل دنياها
أمور تفرض عليها سلوك الجدية في سائر تصرفاتها لأنها أضحت مهيأة لإقامة علاقة زوجية
وشراكة مع رجل يختلف عنها في الجنس به تتكامل حياتهما ومعه تصبح ربة أسرة مسؤولة
ومن ثم أماً لأولاد تسعى على راعيتهم وتربيتهم والقيام على مصالحهم محافظة على بيتها
يتزاحم مع كل ذلك طموحها الشخصي كإنسانة كاملة لها طموح وآمال تحاول تحقيقها
لها كامل الحرية في اختيار نوعية دراستها وتخصصها كحرية اختيار شريك الحياة
تحتاج في كل ذلك للمرشد المدرك والموجه الواعي والمعاون الفاهم والناصح الصادق
من خلال تعزيز كل قرار صائب تتخذه عن قناعة وكل سلوك إيجابي تقوم به وتعتمده
بعيداً عن التدخل المباشر والإملاء القاهر والتوجيه العنيف والنصيحة القسرية بالأمر المجرد
فمسألة صناعة شابة مدركة لدورها في الحياة مهم جداً لأنها ستصبح صانعة أجيال حقيقية
كثيرون هم الأبناء والبنات الذين تاهوا نتيجة قسوة آبائهم وأمهاتهم المفرطة أو تشاغلهم عنهم
ولا سيما الأم التي تعاشر أولادها في البيت أكثر الأب المنشغل عنهم عادة بعمله خارج البيت
أمهات كُثُر كُنّ سبب شقاء أولادهن نتيجة القسوة المفرطة عليهم أو الدلال الزائد لهم
أو التدخل المباشر في حياتهم ولا سيما لما كبروا وفوجئوا بأن قراراتهم مصادرة تماماً
كم من شابة زُجَّ بها في حياة لم تكن ترغب فيها ولم يكن لها أدنى اختيار في شيء منها
عاشت أسيرة في بيت أهلها ولعلها انتقلت إلى بيت زوجية أكملت فيه ذلك الأسر
أمور جردتها من أبسط حقوقها في الحياة فكيف ستتعامل مستقبلاً مع أولادها يا ترى
وضع خطير نهى عنه الدين تماماً حين أعطى البنت في كل أدوار حياتها كامل الحقوق
الشابة إنسانة له أحاسيس ومشاعر وعواطف واختيارات ورغبات وطموح وآمال
لها الحق في العيش ضمن حياة كريمة كسائر الناس ومصادرة ذلك يعني الدمار بعينه
الشابة إن لم تجد من يحتويها ويأخذ بينها قد تنحرف وقد تخرج عن نطاق السيطرة
وقد تتمادى وتتمرد وتواجه ذويها بعنف واستنكاف وربما عدائية مبالغ فيها نتيجة الكبت
وقد تفقد قيمة الحياة وتشعر بالحزن والقلق والخوف من المستقبل فتنكمش كزهرة بدأت تذبل
وقد تحاول الهروب من واقع حياتها عبر أحلام اليقظة فتدخل في دوامة صراعات وعُقد نفسية
كل ذلك قد يجعلها تخسر كيانها وربما يدخلها في هواجس تبعدها عن نطاق الحياة الطبيعية
الشابة كنز متى أحسنت الأسرة العناية بها أما متى فرطت فيها فقد أضاعته من يدها
إنسانة كاملة وجب التعامل معها من خلال كونها كياناً له كامل الحقوق والحريات
لتعرف كيف تباشر حياتها العلمية والعملية والزوجية والأسرية والاجتماعية بكل هدوء
والبأس كل البأس يتأتَّى متى حصل الخلل في تلك المعاملة الحساسة مع كيان بالغ الحساسية