هناك مداخل كثيرة ومتعددة وأسباب متنوعة ومتفرقة لما يصنف بأنه من الأخطاء العلمية العالِم وطالب العلم والمتعلم ومن له أثرة من علم يعلم حقيقة الأمر ولو بالحد الأدنى والجاهل والمتعالم والمتقول والمتطفل يجهلها قطعاً الأمر الذي يجعله يطعن في صدق العلماء ويشكك في ذممهم ويقلل من شأن مواقفهم وأقوالهم وما يصدر عنهم من فتاوى وتصريحات ولا سيما في الأحداث والمواقف التي تتطلب وقفات واضحة وصريحة من رجل العلم عموماً هذا الموقف السلبي مذموم تماماً وفي كل الأحوال لأن الخطأ مكتوب على بني آدم الأمر الذي يستوجب من الجميع احترام العلماء وأقوالهم ومواقفهم وما يصدر عنهم ويستوجب إحسان الظن بهم وتقديم المعاذير لهم واعتبار أن هناك ما يستدعي ما قد ذهبوا إليه والعالِم وطالب العلم والمتعلم في الأصل أنه يتكئ على مرجعية علمية يعتمد عليها حتماً وليست المسألة مغالطات وحسب أو هو تشدد مرفوض وتعصُّب مقيت وتحيز مذموم كلا وليست المسألة قطعاً هوى متبعاً أو خبط عشواء لا منهجية فيه كل ذلك متعذر تماماً حقيقة المسألة تكمن في اختلاف تباين تفكير العقول وتنوّع المقبول منها الذي لا مشاحة فيه وبالتالي فالمشكلة الحقيقية تكمن في إرادة مصادرة الآراء وتخطئة الآخرين بصورة مطلقة تكمن في سوء فهم الأقوال أو في نسبتها للآخرين قبل التثبت منها أو في نقلها بنية الإفساد أو تحميل أقوالهم ما لا يمكن أن تحتمله من مضامين ملتبسة أو معاني فاسدة وأفكار مختلطة أو هو في جوهره عداء حقيقي نتيجة اختلاف المذهب أو التوجه أو المعتقد أو الفكر أو هو اعتقاد أن الشخص المتكلم هو الأولى بالعلم من غيره وكل الناس تبعاً له في ذلك أو هو تفكير بطريقة متشددة أحادية التوجه لا تقبل التعدد ولو كان في الأمر مساغاً علمياً أيٌ من تلك الأسباب قد يحمل الشخص الذي يحسب نفسه عالماً أو يُعد نفسه من طلبة العلم على انتقاص أقدار العلماء الفضلاء الذين لهم قدم صدق عند ربهم سبحانه وتعالى ممن وُضع له القبول في الأرض وراجت كتبه وانتشرت مؤلفاته عبر الآفاق وانتفع بها الناس تحمله على تتبع العثرات وتسقط الهفوات وتضخيم السقطات للتشكيك فيه وفي علمه وكأن الذي حكم عليه بذلك سليم من كل شيء ولعله لم يبلغ عُشر قدر علم ومستوى نظيره مثل هذا التوجه يعتبر توجهاً مذموماً لا يقبله أحد من العقلاء ولا المنصفين فضلاً عن العلماء منهج العلماء في معالجة الخطأ التنبيه عليه في مظانه دون التعرض لصاحبه بازدراء وانتقاص يبينون الخطأ ويشيرون إليه ليظهر ذلك للجميع مع التماس الأعذار للعالِم فجَّل من لا يخطئ وفي كل الأحوال إظهار الخطأ لا يعني بحال التعرض لمن وقع فيه بتصغير أو تقليل شأن لا يعني قذفه والقدح في معتقده واتهامه بخبث نيته أو ضلالة فكره أو فساد توجهه من المنهج الخاطئ غير المقبول تجاهل حسنات العالِم وقياس علمه بهفواته وزلاته وسقطاته نعم لا إشكالية في التحذير مما وقع فيه من خطأ وزلل وخلل وهفوة وسقطه إطلاقاً الإشكالية في اعتبار أنه تعمَّد ذلك الخطأ عن قصد منه بغرض تغيير الحق وإفساد العلم ومن ثم جعله من علماء السوء المفسدين المضللين المغرضين وتجاهل كل جهوده العلمية تماماً متى رأيت أحداً ممن ينتسب إلى العلم سليط اللسان حاد الانتقاد حانق القلب على غيره من العلماء وطلبة العلم والمتعلمين والفضلاء والعقلاء فاعلم أنه جاهل بلا مماراة ولو كان من ذوي العلم حقاً لعرف قدر أولئك صدقاً ولما مدّ لسانه وسلَّطه وتطاول عليهم العلماء ومن في حكمهم أناس هم في جنب الله جلت عظمته وفي حفظه ورعايته وولايته وماذا يعني لو أخطأ أحدهم ومَن مِن الناس لا يخطئ ويهفو ! ويزل هذا محال تماماً أهل الحق يُعرفون بِرِقَّة قلوبهم وسلامة صدورهم ورجاحة عقولهم واعتدال منطقهم وأهل الباطل والخذلان بخلاف ذلك تماماً قلوبهم حانقة وصدورهم مضطربة وعقولهم مختلة وألسنتهم لاذعة على أقرانهم قبل خصومهم يفرحون بالانتقاد أكثر من فرحهم بإحقاق الحق الذي لو أرادوه وطلبوه حقاً لما كان ذلك شأنهم مع خير الناس وهم العلماء والفضلاء ممن نفع الله تعالى بهم وهدى الناس بجهودهم وجعلهم حاملين لواء الدين والعلم ناشرين لهما
