قصص القرآن الكريم :

 

بتتبع القَصص في القرآن الكريم وُجد أنه يحكي لنا أربعة أنواع، وهي :

1- قصص الأنبياء عليهم السلام . وما كان من أحوال أقوامهم معهم، وهي قصص مبثوثة في القرآن الكريم . 

2- قصص الأمم السابقة . وما كان من أحوالهم، وكان في ذكرهم ولا شك نفع كبير وعبرة وعظة، كقصة أصحاب الكهف، وقصة أصحاب الأخدود، وقصة أصحاب الفيل، وغيرهم .

3- القصص النبوي . وهو قصص ساير فيه القرآن الكريم أحداث خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام . وهذا النوع من القصص أفرد وعُرف بالسيرة النبوية العطرة، على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم .

4- قصص لأشخاص غير أنبياء . وهو قصص عن بعض أشخاص ورد ذكرهم في القرآن الكريم ليسوا بأنبياء أو مرسلين، وقد جاءت قصصهم على عدة صور :

     أ- بعضهم رجال كفر وشرك وعصيان :

1- منهم من صرح باسمه كقصة قارون .

2- ومنهم من لم يصرح باسمه كقصة النمروذ الذي حاج إبراهيم عليه السلام في ربه، وقصة بلعام بن باعوراء .

     ب- وبعضهم رجال صالحون :

1- منهم من صرح باسمه أو صفته كقصة ذي القرنين، وامرأة عمران . ولقمان الحكيم .

2- منهم من لم يصرح باسمه كقصة ناصح آل فرعون .    

أما من حيث تنوع ورود القصص في القرآن الكريم فتنقسم إلى خمسة أقسام هي :

1- القصص التأريخي . وهو ما يمثل سير السابقين .

2- القصص الواقعي . وهو الذي يعرض أنموذجاً لحالة بشرية، كقصة ابني آدم عليه السلام .

3- القصص التمثيلي . وهو سرد قصصي كأنموذج من السلوك الإنساني بقصد التأديب والتعليم، كقصة صاحب الجنتين .

4- القصص العاطفي . كقصة يوسف عليه السلام .

5- القصة الرمزية . التي تأتي لتأكيد قيم ثانوية كإيحاء، من باب قص القصة لمواجهة حالة ما .   

     ويتفاوت القصص في القرآن الكريم كماً وكيفاً، وطريقة وعرضاً، ووحدة وتكراراً، وجمعاً وتفرقاً، وتعاطياً لعناصر القصة، ويتفاوت أيضاً في تهيئة مقدمة القصة وكذلك خاتمتها .

1- فمن حيث الكمّ . بعض القصص جاء في آية واحدة كقصة العزير وسؤال إحياء الموات من سورة البقرة . وبعضه جاء في آيات كثيرة وتعدد في عدة سور كسائر القصص المعتاد، وبعضه جاء بين هذا وذاك .

2- ومن حيث الكيف . بعض القصص عرضه القرآن الكريم في صورة تخويف وترهيب . وبعضه عرضه في صورة تشويق وترغيب . وبعضه عرضه في صورة تذكير . وبعضه عرضه في صورة تثبيت . وبعضه عرضه في صورة تنبيه ولفت نظر . وهذه الأغراض عادة تختلف من حيث الوضوح والبيان .

3- ومن حيث التكرار . بعض القصص جاء في مكان واحد لم يتكرر كقصة أصحاب الكهف وصاحب الجنتين . وبعضه تكرر كقصة نوح وهود وصالح عليهم السلام، وحال تكراره يأتي بألفاظ مزيدة تعطي للقصة بعداً آخر بحسب سياق الآيات ومناسبتها للسورة ومقصدها كقصة موسى وإبراهيم عليهما السلام .

4- ومن حيث التقسيم . بعض القصص جاء متفرقاً مقسماً على عدة سور تتكامل فيها جميع أجزائها، كقصة إبراهيم عليه السلام . وبعضه جاء مجتمعاً في مكان واحد قصة متكاملة كقصة يوسف عليه السلام .

5- ومن حيث تفصيل العرض . بعض القصص جاء بمقدمة للقصة مناسب مع سياق الآيات المتقدمة عليه كمقدمة له وتوطئة كقصة موسى عليه السلام من سورة القصص . وبعضه جاء بشكل مباشر كقصة نوح عليه السلام من سورة نوح . وبعضه جاء بعد قصة تليها مباشرة كقصة هود وصالح عليهما السلام من سورة الأعراف .

6- ومن حيث احتواء العناصر . بعض القصص جاء بكل عناصر القصة كقصة أصحاب الجنة من سورة القلم . وبعضه ركز على عناصر معلومة كقصة النمروذ مدعي الربوبية وإبراهيم عليه السلام، ليوقفنا على مغزى القصة .

7- ومن حيث الأسلوب . بعض القصص جاءت بدايته بأسلوب ضرب المثل، وبعضه جاء بأسلوب التذكير بحرف (إذ)، وبعضه جاء بأسلوب التشبيه، وبعضه جاء بأسلوب العرض بكلمة (واذكر) أو بكلمة (وإلى)، وبعضه جاء بأسلوب التخويف بكلمة (كذبت)، وبعضه جاء بأسلوب التحقيق بكلمة (ولقد) .

8- ومن حيث التسمية . بعض القصص نزلت به سور مسماة باسمه، كالسور التي بأسماء الأنبياء عليهم السلام كقصة يونس وهود ويوسف عليهم السلام . وبعضه جاء ضمن آيات السورة بلا تسميه كسورتي القصص والشعراء .

9- ومن حيث الهدف . بعض القصص جاء ليعالج قضية بعينها لأجله سيقت القصة كقصة قوم شعيب عليه السلام وتطفيف الميزان، وقصة قوم لوط عليه السلام وإتيان الفاحشة . وبعضه جاء ليرسي ويؤصل المنهج الشرعي العام الذي من أجله بعث الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كسائر القصص الذي جاء ليحقق العبودية لله تعالى .

10- ومن حيث الوضوح . بعض القصص جاء بذكر أفراد وأعلام وأماكن معلومة لا تتكرر عقدة القصة في غير ذلك كقصة يوسف وموسى عليهما السلام . وبعضه جاء بعموميات ليبقى الأمر مشاعاً عبر الزمان كقصة الفتية أصحاب الكهف وقصة أصحاب الأخدود .

11- ومن حيث الواقعية . بعضه جاء كقصص تاريخية وقعت وحصلت في سابق الزمن كسائر قصص الأنبياء عليهم السلام كما هو شأن القصص . وبعضه جاء بوجه تمثيلي تعليمي وقائي كقصص ضرب المثل كقصة صاحب الجنتين من سورة الكهف .    

     أمور كثيرة تفاوت فيها القصص القرآني وتباين فيها، الغرض الرئيس منه توظيف جميع المكملات والمتممات لإخراج القصة بشكل لا يمكن أن تخرج بأفضل منه في سياقها وموقعها، لتعطي الهدف المطلوب كأفضل منهج قصصي .