ما قصد واحد من هؤلاء السادة أن يكون مذهه بمثابة الشريعة المعصومة، ولا قصد واحد منهم أن يحمل الناس على رأيه واجتهاده، بل أرادوا النصيحة لأهل الإسلام بما آتاهم الله من آلة الفقه والنظر، وبقيت مذاهبهم وآراؤهم في اعتبارهم صواباً يحتمل الخطأ .
لكن لما وجد من جاء بعدهم من علماء الأمة تدوين المسائل وتوضيح الدلائل بنوا على ذلك، فوقع من العناية بمسائلهم تفصيلاً وتأصيلاً ما لا ينقضي من سعته العجب .
وكان الأمر حتى في حق من بلغ رتبة الاجتهاد من أتباعهم أن تخرجوا من مدارسهم ونهلوا من علومهم، وصار من أراد تلقي علوم الفقه لا يستغني عن سلوك سبيلهم والانتفاع بهم، وإن فاتته علومهم فقد فاته خير كثير ولا ريب .
المصدر / تيسير علم أصول الفقه . د عبدالله الجديع العنزي . ص394 .